تعد صناعة الخوص والسعف أبرز المهن اليدوية الشعبية وتعود إلى حضارة وادي الرافدين وشبه الجزيرة العربية وأماكن أخرى ازدهرت فيها زراعة النخيل لذا فقد دخلت في معظم مفردات الإنسان البيئية، وبيت السعف، وأقفاص الدواجن، والرطب والتمور، وسفرة الأكل، والسلال وهي حرفة تناقلها الأجداد، لتسد بعض احتياجاتهم اليومية، ويطلق على الشخص الذي يسعف النخل اسم «السعاف»، وهو الذي يقطع السعف من أطرافه، وقد ثابر عليه بعض العجزة المحتاجين، واشتهرت في صناعته يدويًا النساء، فأنتجن وأفدن، ويتفاوت انتشارها وإتقان صنعها تبعًا للكثافة في زراعة النخيل وفي السكان.

السعاف والسعفيات
العم عيسى صالح جميل العفري (48 عاما) الذي يمتهن صناعة الخوص منذ كان عمرة 10 سنوات بعد ورثتها من والده، اشار إلى أن صناعة الخوص ترتكز على أوراق شجر النخيل «سعفها»، وأبان: هذا الأمر سهل للإنسان ممارسة هذه الصناعة اليدويــة رغم أن الحرفة بدأت بالاندثار بسبب البدائل الحديثة لها.
وحول الأدوات المستخدمة في حرفة الخوض، أجاب «أدوات العمل الرئيسية فيها بسيطة وميسورة، وهي اليدان والأسنان بالدرجة الأولى والعظام والحجارة المدببة أو المخايط أو المخارز التي تقوم مقام الإبرة بالدرجة الثانية، إلى جانب بعض الأدوات الأخرى كالمقص ووعاء تغمر فيه أوراق النخيل، وورق النخيل من النوع المركب، واستعمالاته عديدة حسب موقعه من النخلة، فالذي في القلب تصنع منه السلال والحصران والسفرة والميزات، والنوع الذي يليه أخضر اللون يستعمل لصناعة الحصير وسلالة الحمالات الكبيرة والمصافي والمكانس وغيره، ومن الجريد تصنع الأسرة والأقفاص والكراسي».

طريقة تجديلية
وفيما يخص الخوص، أجاب: الخوص عبارة عن أوراق سعف النخيل تجمع وتصنع باليد بطريقة تجديلية عريضة تضيق أو تتسع باختلاف الإنتاج، وتتشابك أوراق الخوص مع بعضها في التجديلة بعد أن تتحول إلى اللون الأبيض نتيجة تعرضها للشمس، والخوص نوعان: الأول: هـو لبة الخوص، وتتميز اللبة بنصاعة بياضها وصغر حجمها، وسهولة تشكيلها وتستخدم لنوعية معينة من الإنتاج، والثاني: هو من بقية أوراق النخيل العادية وهي أوراق أكثر خشونة وطولًا ويتم غمرها بالماء لتطريتها حتى يسهل تشكيلها.
واستطرد: «كما يتم تلوين الخوص ولا يكتفى باللون الأبيض أو الحليبي بل يتم صبغ الخوص بالألوان الأخضر، العنابي، والبنفسيجي ـ حسب ألوان الطبيعة ـ وتتوافر هذه الأصباغ في محال العطارة، وتبـدأ الصباغة بغلي الماء في وعاء كبير وتوضع فيه الصبغة المطلوبة، ثم يتم إسقاط الخوص المطلوب تلوينه ويترك لمدة 5 دقائق، ثم يرفع من الماء ويوضع في الظل، أما بالنسبة للخوص الأبيض أو الحليبي فإنه يكتسب هذا اللون نتيجة لتعرضه للشمس فيتحول لونه الأخضر إلى اللون الأبيض.

تناسق الألوان
وتابع: «عند تصنيع الخوص لا بد من نقعه في الماء لتليينه، سواء كـان خوصًا عاديًا أو ملونًا؛ لأن الصبغة لا تزول بالماء، وبعد تطرية الخوص يسهل تشكيله ويبدأ التصنيع بعمل جديلة طويلة وعريضة متقنة الصنع متناسقة الألوان، ويختلف عرض الجديلة حسب نوع الإنتاج، وكلما زاد العرض كلما زاد عدد أوراق الخوص المستعملة وباتت الصناعة أصعب، وبعد صنع الجديلة يتم تشكيل الخوص بالاستعانة بإبرة عريضة وطويلة وخيط قد يكون من الصوف الأسود للتزيين».